Left: Two Union soldiers during the Civil War. Courtesy Library of Congress. Right: Two Union soldiers during the Civil War in front of a painted backdrop of a camp scene.
اليسار: جنديان من الاتحاد خلال الحرب الاهلية. من ارشيف مكتبة الكونغرس. اليمين: جنديان من الاتحاد خلال الحرب الاهلية مقابل رسم لمشهد معركة

توطئة

في السنوات التي تلت الحرب الاهلية ظهرت العديد من الروايات و القصص التي تصور الزواج بين شمالي و جنوبي. ومن بين هذه الاعمال ربما تكون قصة جون ويليام ديفورست بعنوان تحول الانسة رافينال من الانفصال الى الولاء (1876) من اكثر القصص المعروفة التي وظفت الخيال لمساعدة الجنوبيين و الشماليين على تخيل رابط جديد يشفي جروح الانقسام و العداء الباقي بسبب الحرب: من خلال تصوير زواج بين شخصين من الطرفين المتنازعين. هؤلاء الكتاب خلقوا مكانا خياليا ساعد القراء على تقبل فكرة الاتحاد مجددا بين الولايات الامريكية. بالنسبة لويتمان كان قد بدأ مسبقا بتخيل نوع جديد من التعاطف بين الجهتين و التي كان يؤمن بأنها كانت لتمنع الحرب من الحصول—وهذا ما عبر عنه عندما نشر كتابه "كلاموس" في 1860. القصائد التي نشرها في هذه المجموعة قد ابحرت في استكشاف امكانية التعبير العلني و المقبول للمشاعر الوطنية بين الذكور، التحرر لمشاعر الحب المثلية التي كانت تسجن في زنزانة القمع النفسي في السابق. فبينما كان مسموحا للنساء ان يعبرن عن عواطف قوية تجاه احداهن الاخرى—فكانت النساء تمشي وهي متكاتفة الايدي مع بعضهن يعانقن و يقبلن بعضهن و حتى يمكنهن كتابة رسائل عاطفية لبعضهن الاخر—بينما يطلب من الرجال ان يكبحوا مثل هذه المشاعر تجاه الرجال الاخرين. فلقد تعلموا الرجال ان تكون علاقتهم مع الرجال الاخرين مبنية على التنافس الرجولي بدأ من فترة المدرسة في مجال الرياضة حتى يكبروا ويحكمهم اقتصاد البقاء للاقوى الذي يكافئ الاعتماد على الذات و الطموح و المغامرة و التي ينتج عنها انتصارات على المنافسين. اما بالنسبة لويتمان فيمكن للدميقراطية ان تزدهر فقط عندما يلقى جانبا مبدأ المنافسة المستمرة هذا و يحل محله التشجيع على التعاطف الانساني بين الرجال. فلقد كان يرى بان الكراهية التي تطورت بين الشمال و الجنوب هي مجرد تطور جنوني للمنافسة الرجولية التي تربى عليها الرجال في الجانبين. وعندما قام بنشر قصائد "كلاموس" كجزء من ديوان "اوراق العشب" في 1860 كان يأمل ان يمنع كتابه هذا الحرب من خلال اقتراح حلا بسيط للنزاع—"العاطفة" او الحب—لجميع المشاكل التي تواجهها الامة الامريكية.

عندما فشلت تلك المحاولةقام ويتمان بتعديل احد قصائده في "كلاموس" و اعاد صياغتها لتكون قصيدة عن الحرب الاهلية. و نشر القصيدة المعدلة في مجموعة "قرع الطبول" مضيفا اليها البيت الاول "ظهرت النبوءة من بين المذابح" و اوضح فيها ان صوت النبوءة في القصيدة كان صوته وهو نفس الصوت الذي تحدث قبل خمسة اعوام عندما حذر هذا الصوت من المذبحة التي ستنتج من فشل الرجال من ان يحبوا و يحترموا الرجال الاخرين. في الوقت الذي نشرت فيه القصيدة كانت هذه المذبحة قد حصلت فعلا لتأخذ حياة مليون ونصف رجل، و لتكون الثمرة المرعبة للمنافسة التي لا تتوقف: فامريكا الان يمكن ان تتحدث فقط من فوق الاجساد المذبوحة المنتشرة و الممثل بها على الارض الامريكية (فخلال السنة الاولى بعد الحرب الكثير من هذه الاجساد كانت لا تزال تنتظر الدفن) و في كل المدن عبر البلاد حيث تجمع مبتوري الاطراف لعدة عقود بعدها. الحرب صدقت ما يعتقده ويتمان بأنه هناك حاجة الى اعادة تصوير جذري للمعتقدات الامريكية عن العاطفة و التأكيد على تقبل الحميمية بين الرجال: فليكون معتادا في البيوت تلك العاطفة بين الرجال. فكانت نبؤة ويتمان ان الاماكن العامة في امريكا سوف تكون اكثر تقبلا لان تتلامس اوجه الرجال و ترحب بدل ان تشجب التلامس الجسدي بين الرجال. و عندها سوف تحل جميع النزاعات السياسية و الانفصالات و يعود الاتحاد لكن ليس بطريقة عسكرية او قانونية لكن من خلال اطلاق الحرية للمشاعر المكبوتة بين الرجال: فالتعاطف الجسدي سوف يحل مشاكل الحرية. فأولئك الذين يبحثون عن حلول دستورية للكراهية الاقليمية لم يلتفتوا للسبب الرئيسي للنزاع: فليس هناك من اتفاقية ورقية ولا قانون مفروض يمكنه اجبار تلك الامة الهشة و لا اجبار الكائنات الحية على الاتحاد. فبدلا من الايدي المتنازعة، تحتاج هذه الامة لأيدي شبابها ان يحتضن احدهما الاخر.

وهكذا، بينما كانت قصائد "كلاموس" في 1860 مجرد محاولة يائسة لدعوة الشباب في الشمال و الجنوب لان يدركوا الروابط العاطفية التي وحدتهم من اجل قهر العداوة التي كانت تشتعل و تهدد بحصول الحرب، اصبحت في 1865 محاولة من قبل ويتمان لان يقدم مكانا خياليا للشفاء يشبه الزواج الافتراضي الذي وحد حسناء الجنوب و جندي الشمال: لكن ويتمان قدم لنا رجالا يعبرون عن مشاعرهم لبعضهم في اماكن كانت معارك للنزاع—فالجندي من ماسوشوتس سيكون رفيقا لاحدهم من ميسوري بينما يتصاحب رجل من ماين مع احدهم من كارولاينا. هذه هي رؤية الامة المتحدة ، ليس بسبب الحلول القانونية لكن بسبب الحب المثلي المتحرر—رجالا يعشق بعضهم بعضا. وكما رأينا عاش ويتمان في مستشفيات الحرب الاهلية مشاعرا عميقة من التعاطف مع المصابين و الجنود المحتضرين: فلقد لاحظ رفقة الرجال الذين حاربوا سوية و كيف انهم اصبحوا اكثر تقبلا للتلامس الجسدي مع الرجال الاخرين و حتى الحميمية بين رجال الجنوب و الشمال في هذه المستشفيات. ومن هنا جاءت فكرة ويتمان المجنونة بأن الحب الذي عاشه و بقي مع بعد الحرب هو الذي يمكنه ان يوحد الامة مرة ثانية

—EF

Other Available Languages

English

Français / French

صوت نبوءة يعلو من فوق المذبحة

صوت نبوءة يعلو من فوق المذبحة،
لا تيأسوا—فالحب يمكن يحل جميع مشاكل الحرية القادمة؛
فالمحبين لا يمكن قهرهم—سيجعلون من ارض كولومبيا منتصرة.

يا ابناء امنا جميعا! سوف تنتصرون!
سوف تضحكون و تسخرون من هجوم جميع الارض عليكم.

فليس هناك من خطر يقف امام العشاق في كولومبيا؛
واذا لزم الامر الاف سوف يصبحون بقوة واحد.

رجل من ماسشوتس سوف يكون رفيق ميسوري
ومن ماين يتحد مع كارولينا الحارة و اخر من الارغون ليكونوا الرفاق الثلاث
يحبون بعضهم اكثر من كل كنوز الدنيا

فالعطور سوف ترحل الى ميشغان و فلوريدا؛
ليست عطور الزهور بل انها عطورا اكثر حلاوة لتبقى بعد الموت.

سوف يعتاد الجميع لرؤية حب الرجال في البيوت
فالفض و الخشن سوف يتلامسان بالوجوه
ابناء الحرية سوف يكونون عشاق
ومحاربو المساواة سوف يكونون رفاقا.
فهذه المشاعر سوف تربطكم معا بقوة اكثر من الحديد؛
انا سعيد ايها الشركاء وايتها الاراضي بحب العشاق الذي يجمعكم.

هل تعتقدون المحامون سوف يجمعونكم؟
او ان ورقة سوف توحدكم؟ او بقوة السلاح؟
كلا—فما من احد في العالم يمكن ان يجمعه القانون.

خاتمة

ويتمان يسمي امريكا في فترة ما بعد الحرب بكولومبيا في قصيدته "يعلو صوت النبوءة من فوق المذبحة" مشيرا الى اتحاد روحي مبني على العاطفة بين ذكرين: رفقة العسكرية. الاسم طبعا يذكرنا بكريستوفر كولومبوس ذلك المستكشف الايطالي الذي وصل للعالم الجديد و الذي وضع اسمه على العديد من المدن و الاشياء و المؤسسات في امريكا ومن بينها جامعة كولومبيا و حي كولومبيا ،و اسم نهر في مشال غرب المحيط الهادي ، و اسم شركة تسجيلات و اختراع اخذ الانسان اول مرة على القمر و شبكة تلفزيون و راديو و استديو لتصوير الافلام سفينة فضاء تحطمت عندما دخلت المجال الجوي. ومن بين الاشكال الاخرى لنفس الاسم كولومبياد و هو الاسم الذي اعطي لمدفعية استخدم من الطرفين خلال الحرب الاهلية و ايضا اسم سلاح جوي خيالي في رواية جولز فيرين في 1865 بعنوان من الارض الى القمر و الذي كان يستطيع اطلاق كرة المنيوم قادرة على حمل البشر الى القمر. باختصار، الاسم له معاني كثيرة و الذي اصبح على يد الشاعر شخصية تجمع الرجال من الشمال و الجنوب و توحدهم و تحول الاعداء الى رفاق و عشاق.

هناك تلاعب لفظي في البيت الاول الذي اضيف الى القصيدة بعد خمسة اعوام من نشرها في 1860 في ديوان "اوراق العشب" : فالشاعر استخدم فعل rose بعد كلمة مذبحة و في اللغة الانكليزية هذه الكلمة قد تكون ماضي لفعل ارتفع او علا ولكنها ايضا اسم للوردة و بالتالي فان كلمتي carnage rose يمكن ان يصبحا اسمين او لفظ مركب يشير الى كيف ان المذبحة اصبحت زهرة التربة التي بقيت عليها جثث الجنود. لكن مع الكلمة المجاورة يقوم الدماغ بتصحيح المعنى للجملة مع بقاء صورة الزهرة في المخيلة. فالزهرة رمز النقاء و العاطفة و التغيير و الكمال: و هي اساس الفلسفة الشعرية لويتمان. اساس النبوءة هو ان الحب سيحل مشاكل الحرية وهو ايضا تأنيبا من جانب الشاعر تجاه اليأس الذي انتشر بعد نهاية الحرب. فيقترح الشاعر تفهما جديدا للروابط التي تجمع سوية المجتمع الذي نهض للتو من مأسي الطائفية—حبا مثليا متحررا.

هذا الحل يبدأ مع الصداة الثلاثية و هو الشكل العلماني للثالوث المقدس و الذي يوحد الرفاق الثلاثة (الارباب) من ثلاثة نقاط : الشمال و الجنوب و الغرب. يمكن ان نسميهم: الحرية و المساواة و الاخوة: الشعار الذي رفعته الثورة الفرنسية. فالقانون هنا حسب الثقافة الامريكية لا يمكن ان يكون هو الحكم لأناس متفرقين و لا حكم للصحيح و الخاطئ. فورقة الاتفاقية يمكن تمزيقها و يمكن ان يكون الدستور مليء بالأخطاء و انهيار العقد الاجتماعي يمكن ان يؤدي الى الحروب. لكن ماذا عن الحب؟ اعلن الن غينسبرغ "امريكا اضع مثليتي امامك " منصاعا الى الحل الذي قدمه ويتمان. هنا يكمن المستقبل

—CM

سؤال

كتب جون لينون "كل ما تحتاجه هو الحب" في احد اغانيه التي غناها فريق البيتلز في 1967. و الحل الذي اقترحه ويتمان للمشكلة المعقدة—الحب سوف يحل مشاكل الحرية—ظل اقتراحا جاء به العديد من الكتاب قبل وبعد ويتمان. فالعديد من الجنود عايشوا خلال فترة المعارك تعاطفا قويا مع رفاقهم على ارض المعركة و التي وصفها العديد بأنها اقوى مشاعر الحب التي عاشوها في حياتهم. ناقش هنا العلاقة بين مشاعر الحب المثلي—حب الرجل لرجل مثله—والذي تعترف به الثقافة الامريكية اجتماعيا و قانونيا و مقبول في الحرب (و غيرها من مواقع التنافس الرجالي كالرياضة) لكن يعتبر ذو معنى مختلف خارج سياق الحرب و التنافس الشرس و لا يقبل به كحل لمنع الحرب.

اجب عن السؤال في مربع التعليق ادناه او على صفحة ويتمان في الفيسبوك.