توطئة
باربع ضربات من فرشته الفنية استطاع الناسك العجوز ان يكتب قصيدة بالأحرف الصينية القديمة "العالم اصبح زهرة واحدة" و يمكن ترجمتها "العالم اصبح كينونة واحدة". حركاته الرشيقة مثل صب الشاي و الكرم الذي يحيط بشقته، كل هذا كان جزء من عقيدته البوذية. لعشرين عام عمل في ادارة احد معابد الجوهرة في جنوب شرق كوريا و عندما تقاعد بقي على التزامه. نشف الحبر و بعدها قدم القصيدة لي و غادر. وقفت قرب الشباك احدق في الازهار البيضاء التي ملأت الافق من حولي في اشجار الكاكي المليئة بالثمار الناضجة و الجبال تغلفها امطار الخريف. عاد الراهب معه هدية اخرى: حاوية اوراق الشاي السوداء التي قد قطفها و جففها بنفسه.
في الطريق من الدير مررنا بحوض لأشجار اللوتس—من الرموز البوذية حيث ان تقدم الروح يتمثل في النبات الذي ينمو من التربة خلال الماء حتى يزهر في السماء. التنوير الذهني متأصل فينا—وهو الفكرة الرئيسية التي يحاول ويتمان احتضانها في هذا المقطع وهو يرى في فنائه القوة التي تجدد الحياة في الكون. "يا حياة اراك تتورقين من الكثير من الموت" حيث يرى نفسه مات اكثر من عشرة الاف مرة، و الخلاص يكمن في "البذور السوداء التي تضمحل في الطين"، في الجذور و في الاوراق المستهلكة التي تسقط من خبراتنا الحياتية. مرورنا من خلال "الابواب المرنة" في ممر الولادة هو موتنا و هي الرحلة التي نقوم بها مرة تلو الاخرى كما يعلمنا بوذا. "اعشاب قبورنا": هذا ما تعلمنا اياه القصيدة حول علاقتنا بالموت و توسع مداركنا عن العالم بأجمعه.
في احد متاحف الفن الشعبي الكوري، بين الاواني و الادوات التي تم استكشافها، و الملابس الرسمية للملوك و الملكات، و الكنوز الاربع للباحث (الحبر و الحجر و الفرشاة و الورق) كان هناك مومياء لطفل تم اكتشافها في قبور عائلة من العصور الوسطى يحيطها عرضا للملابس التي تنتمي لوالديه الحزينين. لقد دفنوهما سوية مع الصبي من اجل ان لا يكزن خائفا في رحلته الى العالم الاخر. افكر ان قصيدة "اغنية نفسي" قد تكون رداء مناسبا لهذه الرحلة التي قراءتها تجعلنا ننسى خوفنا من "عناق الفناء المرير". ربما نريد دائما ارتداءه ونرى كيف رداء القصيدة هذا يناسبنا.
—EF
وأنت أيها الموت أنت ياعناق الفناء … عبثاً تخيفني . عالياً عن القمر عالياً عن الليل أرى في الوميض الشاحب انعكاس شمس الهاجرة وانطلق الى المستمر والجوهري من كل وليد .
أما أنتَ، أيها الموت، أيّها العناقُ المرّ للفناء، فمن العبث أن تحاولَ إخافتي. إلى عمله، دون تقاعس، يأتي الطبيبُ المولّد، أرى يدَه الخبيرةَ تضغطُ وتستقبلُ وتسندُ، أتكئُ على الأبواب المتحرّكة المرنة، وأشاهدُ لحظةَ الإنجاب، وأشاهدُ الطمأنينةَ، والنجاةَ. أما أنتِ أيتها الجثة، فأعتقد أنكِ سمادٌ جيدٌ، وهذا لا يضيرني، فأنا سأشمّ الورودَ البيضاء ذات الرائحة العطرة وهي تنمو، وألمسُ الشفاهَ المورقةَ، وألمسُ النهودَ المصقولة للبطيخ. وأنتِ أيتها الحياة، أحسبُ أنّك وداعُ ميتاتٍ كثيرة، (لاشك أنّني متّ عشرة آلاف مرة من قبل). أسمعكِ تهمسين هناك، يا نجوم السّماء، أيتها الشموس- يا عشب القبور- أيتها التحولات والتساميات الأبدية، إن لم تقولي شيئاً، فكيف لي أن أقولَ أيّ شيء؟ للبركة العكرة الهاجعة وسط غابة الخريف، للقمر الذي يهبطُ منحدرات الشفق المتوجّع، اخفقي، يا شرارات النهار والغسق- وتناثري فوق الجذوع السوداء التي تتعفّنُ في المستنقع، تناثري فوق الغمغمة المتألمة للأغصان اليابسة. أطلعُ من القمر، أطلعُ من الليل، وأدرك أنّ السراب المتوهّج ليس سوى أشعة الظهيرة المعكوسة، وأنطلقُ كالنهر إلى الجوهريّ والثابت من فرعٍ صغير أو كبير.
Song of Myself, Section 49 —poem read by Nadia Fayidh
خاتمة
باربع ضربات من فرشته الفنية استطاع الناسك العجوز ان يكتب قصيدة بالأحرف الصينية القديمة "العالم اصبح زهرة واحدة" و يمكن ترجمتها "العالم اصبح كينونة واحدة". حركاته الرشيقة مثل صب الشاي و الكرم الذي يحيط بشقته، كل هذا كان جزء من عقيدته البوذية. لعشرين عام عمل في ادارة احد معابد الجوهرة في جنوب شرق كوريا و عندما تقاعد بقي على التزامه. نشف الحبر و بعدها قدم القصيدة لي و غادر. وقفت قرب الشباك احدق في الازهار البيضاء التي ملأت الافق من حولي في اشجار الكاكي المليئة بالثمار الناضجة و الجبال تغلفها امطار الخريف. عاد الراهب معه هدية اخرى: حاوية اوراق الشاي السوداء التي قد قطفها و جففها بنفسه.
في الطريق من الدير مررنا بحوض لأشجار اللوتس—من الرموز البوذية حيث ان تقدم الروح يتمثل في النبات الذي ينمو من التربة خلال الماء حتى يزهر في السماء. التنوير الذهني متأصل فينا—وهو الفكرة الرئيسية التي يحاول ويتمان احتضانها في هذا المقطع وهو يرى في فنائه القوة التي تجدد الحياة في الكون. "يا حياة اراك تتورقين من الكثير من الموت" حيث يرى نفسه مات اكثر من عشرة الاف مرة، و الخلاص يكمن في "البذور السوداء التي تضمحل في الطين"، في الجذور و في الاوراق المستهلكة التي تسقط من خبراتنا الحياتية. مرورنا من خلال "الابواب المرنة" في ممر الولادة هو موتنا و هي الرحلة التي نقوم بها مرة تلو الاخرى كما يعلمنا بوذا. "اعشاب قبورنا": هذا ما تعلمنا اياه القصيدة حول علاقتنا بالموت و توسع مداركنا عن العالم بأجمعه.
في احد متاحف الفن الشعبي الكوري، بين الاواني و الادوات التي تم استكشافها، و الملابس الرسمية للملوك و الملكات، و الكنوز الاربع للباحث (الحبر و الحجر و الفرشاة و الورق) كان هناك مومياء لطفل تم اكتشافها في قبور عائلة من العصور الوسطى يحيطها عرضا للملابس التي تنتمي لوالديه الحزينين. لقد دفنوهما سوية مع الصبي من اجل ان لا يكزن خائفا في رحلته الى العالم الاخر. افكر ان قصيدة "اغنية نفسي" قد تكون رداء مناسبا لهذه الرحلة التي قراءتها تجعلنا ننسى خوفنا من "عناق الفناء المرير". ربما نريد دائما ارتداءه ونرى كيف رداء القصيدة هذا يناسبنا.
—CM
سؤال
بأي طريقة تقوم قصيدة والت ويتمان بتمثيل عملية الحياة و الموت، البدايات و النهايات التي يتحدث عنها في هذا المقطع؟ قصيدة "اغنية نفسي" شارفت على النهاية، كيف لهذه النهاية ان تكون بداية جديدة؟