أيها المتقاعسون ، انتباهاً ! انظروا الى أسلحتكم . هاهم يتكأكأون عند الأبواب المستولى عليها لقد أصابني مسّ انني أجسّد كل حضور حضور المطرودين والمعذبين وأرى نفسي في السجن كهيأة انسان آخر مستشعراً الألم الكالح المتطاول إن حراس السجن يتنكّبون بنادقهم ويراقبون … بسبّبي أنا من يُطلَق في الصباح ، ويقبع وراء القضبان في المساء ليس ثمة متمرّد يسير الى السجن مقيّد المعصمين - إلا وأنا المقيّد معه ، نسير جنباً الى جنب (أنا الأقل فرحاً هناك ، والأكثر صمتاً) (حيث العرق يتحدّر على شفتيّ المرتجفتين) ليس ثمة من مريض بالكوليرا في حشرجته الأخيرة - إلا وأنا متمدّد في حشرجتي الأخيرة - وجهي رماد وعصبي مستوفز وبعيداً عنّي يهرب الناس . السائلون يتجسّدون فيّ وأنا متجسَد فيهم إني أمد قبّعتي … أجلس ، ووجهي ناطق بالخجل … وأسأل .
أيها الحرس المتقاعسون! انتبهوا لسلاحكم! خلف الأبواب المقهورة يتجمهرون! وأنا أتقمّصُ غيري! أجسّدُ كلّ حضورٍ، المنبوذَ أو المتألمَ، أرى نفسي في السجن على هيئة شخصٍ آخر، وأشعر الألمَ الرتيبَ المتواصلَ. من أجلي يتنكّبُ السجّانون بنادقَهم ويسهرون، أنا من يُطلَق سراحَه في الصباح ويُحجَر عليه في الليل. ما من متمرّدٍ يسيرُ مقيدَ الرسغين إلى السجن إلاّ وأنا مقيدٌ معه، أمشي إلى جانبه، (أنا الأقل فرحاً هنا، الأكثر صمتاً، فيما العرق يتصبّب على شفتيّ المرتعشتين.) ما من يافعٍ يُساق بتهمة السرقة إلا وأُساق معه، أُحَاكَم ويُحكم عليّ. ما من مريض بالكوليرا، يرقدُ، لافظاً أنفاسه الأخيرة، إلاّ وأرقدُ مثله، لافظاً أنفاسي الأخيرة، وجهي أبيض كالرماد، أعصابي متوتّرة، والناس ينفضّون عنّي. المتسوّلون يتجسّدون بي وأنا أتجسّد بهم، أجلسُ، أمدّ قبّعتي، طافحاً بالخجل، وأتسوّلُ.
Song of Myself, Section 37 —poem read by Nadia Fayidh