أرى أنني سوف آلف الأوابد ، فهي رائعة رائعة
انني أقف لأنظر اليها طويلاً طويلا
الأوابد لاتأسى لحالها ، ولاتتشكى حالها
إنها لاتستيقظ طوال الليل باكيةً خطاياها
إنها لاتضجرني بحديثها عن واجبها ازاء الله
ليس ثمة حيوان ساخط ، ولامسكون بجنون التملّك
ليس ثمة حيوان يركع لآخر
ليس ثمة حيوان من فصلته عاش قبل آلاف السنين
لاأحد يرى نفسه ، فوق الأرض بأسرها
ولاأحد يشقي نفسه ، أكثر من الأرض بأسرها .
هكذا يبدون علائقهم لي ، وأتقبّلهم
إنهم يأتونني باشاراتي ، ويمتلكونها
فأُدهشُ …
من أين جاؤوا بهذه الاشارات ؟
تري ، أمررتُ يوماً من هناك ، فأضعتها ثمة ؟r نفسي تندفع الى الأمام : اليوم ، وغداً ، وأبداً
تجمع ماتجمع ، وتبدي ماتبدي ، سريعةً كالبرق
شاملةً ، مائلة
ملتقطةً آناً من أحبُّ
وآناً من أراه أخاً .r هذا المهر ذو الجمال الباهر
هذا المهر النشط المستجيب لتمسيدي
مرتفع الرأس والناصية
عريض مابين الاذنين
الأطراف خفيفة ، والذيل يثير غبار الأرض
العينان مليئتان بالمكر البرّاق
والأذنان دقيقتان
تتحرّكان مرّتين
منخراه يتوسعان حين يعانقه كعباي
وأطرافه المتينة ترتجف بهجةً ، ونحن نخب ونعود .
أيها المهر …
إني لاأستخدمك إلا لحظةً
ثمّ أرفضك …
ترى ، لِمَ أحتاج الى خطاك ، بينما أستطيع تجاوزُها ؟
حتى لو وقفتُ أو جلستُ .
أعتقد أنني أستطيع أن أتحوّلَ وأعيشَ مع الحيوانات،
إنها وديعة جداً، ومكتفية بذاتها،
أقف وأنظرُ إليها لوقت أطول.
هي لا تغضبُ ولا تتذمّرُ لحالها،
ولا تبقى ساهرةً في الظلام
تبكي على ما اقترفَته من ذنوب،
ولا تصيبني بالغثيان وهي تناقش واجباتها تجاه الله،
ما من دابة غير راضية أو مصابة بمسّ التملّك،
ما من دابة تركعُ أمام أخرى، أو لفصيلتها التي عاشت
قبل آلاف من السنين،
لا أحد منها غير سعيد فوق الأرض بأسرها.
إنها تتباهى بأواصرها معي، وأنا أقبل بذلك،
إنها تجلبُ لي إشارات عن نفسي،
وتظهرها بوضوح بين متاعها.
أتعجّب من أين أتت بهذه الإشارات،
هل مررتُ بها في سحيقِ الزمن
ورميتها -إشاراتي- بإهمالٍ هناك؟
نفسي تندفعُ إلى الأمام، عندئذٍ، واليوم، وإلى الأبد،
تجمع وتُظهرُ المزيدَ دائماً بطاقةٍ أعلى،
لانهائية، متنوّعة، وتشبه مثيلاتها مما يحيط بها،
ليست إقصائية كثيراً تجاه أولئك الذين يتذكّرونني،
تختار هنا شخصاً أعشقُ، وأذهبُ معه، الآن، وفق شروط أخوية.
هذا الجمال الأخّاذ للمهر، متوثباً،
يستجيبُ حنوناً لتمسيدِ يدي،
مرفوع الرأس، عالي الجبهة، تتسع المسافة بين أذنيه،
عضلاته فتية وقوية، وذيله يكنسُ الأرضَ،
عيناهُ تختزنان ذكاءً متلألئاً، وأذناه مرسومتان بدقة،
تتحرّكان بكل مرونة.
منخراه يرتجفان ما إن تلامسه كاحليّ،
عضلاته المفتولة جيداً تهيجُ متعةً
ما إن أمتطيه ونخبّ معاً ذهاباً وإياباً.
أمتطيكَ للحظة فقط، أيها المهر، ثم أطلق سراحَك،
ما حاجتي لحوافركَ السريعة إذا كنتُ أبزّها سرعةً؟
حتى وأنا أقفُ أو أجلسُ فأنا أفوقكَ سرعةً.

Song of Myself, Section 32 —poem read by Nadia Fayidh